العالم يسير إلى الخلف

صنارة نيوز - 2016-10-08 05:30:08
د. فهد الفانك
كان الاعتقاد السائد أن العالم يسير إلى الأمام، ويرتقي من مرحلة إلى مرحلة أعلى، وأنه لا يعرف الرجوع إلى الخلف، لأن عقارب الساعة لا يمكن إعادتها إلى الوراء.


الرأسمالية حلت محل الإقطاع وكان المعتقد أن النظام الاشتراكي يتحفز للحلول محلها، على أن يتبعه النظام الشيوعي، ثم اتضح أن النظام الاشتراكي أفضى إلى الرأسمالية!

وكنا نظن أن العولمة اكتسحت العالم الذي أصبح قرية صغيرة، وأن الحدود بين الدول في طريقها للتلاشي، وبانتظار ذلك فهي مفتوحة لحركة البشر والسلع والاتصالات والثقافة ولا حواجز بين الشعوب، فكانت النتيجة هي العودة إلى فرض الحدود وتشديد القيود. وبدلاً من تلاشي الحدود أصبحت تقام عليها جدران إسمنتية وحديدية عازلة.

ترامب يريد بناء جدار يفصل المكسيك عن أميركا، وماليزيا تتفق مع تايلاند على إقامة جدار مشترك على طول الحدود بين البلدين للسيطرة على حركة العصابات الإجرامية، والمجر تقيم الأسلاك الشائكة وتحولها الآن إلى جدار صلب يمنع تدفق المهاجرين. النرويج تبني جداراً جديداً يفصلها عن روسيا لوقف الهجرة، وهناك جدران عالية تبنى على عجل في كينيا وأكرانيا وبين أحياء بغداد.

أما صاحبة الإبداع وقصب السبق في بناء الجدران فهي إسرائيل، إذ بنت جداراً يفصلها عن العرب كإرهابيين، ولم تكتف ببناء الجدران فوق الأرض في الضفة فهي تبني جداراً تحت الأرض بفصلها عن قطاع غزة لمنع حماس من بناء أنفاق باتجاه إسرائيل.

لم يعد العالم متجهاً إلى الوحدة والانفتاح كما كان معتقداً، فالانفصال والحماية هما الأساس.

الاتحاد السـوفييتي انقسم إلى 15 دولة مستقلة، الاتحاد الأوروبي يتداعى، وتشتد الدعوة إلى الانفصال ليس في بريطانيا وحدها بل في غيرها أيضاً.

ماذا عن عالمنا العربي؟ وماذا يحدث للوحدة العربية المنشودة حيث تتوفر كل عوامل الوحدة: الأرض والتاريخ واللغة والمصالح المشتركة؟

في عام 1955 تنبأ المؤرخ الانجليزي توينبي أن الوحدة العربية سوف تتحقق خلال 15 عاماً لتوفر أسبابها، فكانت النتيجة أنه حتى المحاولات الوحدوية الخجولة انتكست: مجلس التعاون العربي سقط في مهده، ثم تلاه مجلس التعاون المغاربي في طفولته، وها هو مجلس التعاون الخليجي يزداد ضعفاً في شيخوخته ويصبح هيكلاً مفرغاً من المضمون.

هذا العالم لا يسير إلى الخلف فقط بل يقف على رأسه ايضاً.

الرأي