هل تحرير فلسطين أمر ممكن؟

صنارة نيوز - 09/03/2024 - 11:21 am  /  الكاتب - المحامي طارق الديري

 

 

 

تعرضت الشعوب العربية في التاريخ الحديث للعديد من أشكال الاستعمار والاحتلال الغربي، ومنه الاحتلال الانجليزي والفرنسي والإيطالي، إلا أن الاحتلال الصهيوني لفلسطين يختلف عن جميع أنواع الاحتلالات التي واجهتها الشعوب العربية، فجميع الاحتلالات التي واجهتها الدول العربية كانت من قبل دولة قائمة ولها أرضها وحدودها الجغرافية في الغرب ولها كيان سياسي قائم أصلاً وأتوا لبلادنا العربية ونقلوا جنودهم وقواتهم العسكرية من بلادهم إلى بلادنا، وعندما خاضت الشعوب العربية حروبها ضد تلك الاحتلالات كانت النتيجة هي طرد المحتل من بلادنا وإرغامهم على العودة لبلادهم في أوروبا. إلا أن الأمر مختلف تماماً فيما يتعلق بالاحتلال الاسرائيلي لفلسطين، حيث أنه لا يوجد دولة كانت قائمة قبل عام ١٩٤٨ تسمى إسرائيل ولم يأتي هذا الاحتلال من دولة لها كيان جغرافي وسياسي، بل العكس قام الصهاينة بإنشاء دولتهم على أنقاض ودمار ودماء الشعب الفلسطيني، وعليه، فإن السؤال هنا: كيف سيكون شكل تحرير فلسطين؟ في نماذج الاحتلالات التي تعرضت لها الشعوب العربية كان يتم انهاء الاحتلال من خلال طرد القوات المحتلة إلى بلادهم، لكن في النموذج الفلسطيني كيف سيكون شكل معركة التحرير؟

باعتقادي أن تحرير فلسطين سيكون من خلال إنهاء نظام الفصل العنصري ونظام الاستيطان واعطاء الشعب الفلسطيني كامل حقوقه المدنية والسياسية وحرية التنقل والحياة في كامل فلسطين التاريخية، وبالتالي إقامة دولة واحدة بنظام سياسي واحد على كامل اراضي فلسطين (الضفة وغزة والداخل)، وهذا النظام سيكون ديمقراطيًا يمنح كامل السكان الحق في المشاركة السياسية وممارسة حياتهم على أساس المساواة بغض النظر عن أصولهم ودياناتهم. وبالنتيجة، تأسيس دولة واحدة ذات أغلبية عربية، لغتها الأم هي العربية، وتكون جزء من المنظمات العربية، وملتحمة بقضايا الأمة العربية، وجزء من العمق العربي، ويحكمها العرب الفلسطينين بصفتهم الأكثرية، مع اعطاء الحق لليهود الذين أتوا لفلسطين بأن يغادروا البلاد أو يبقوا فيها، مع التأكيد على أن أي يهودي يرغب بالبقاء عليه الإقرار بأن الفلسطيني هو صاحب الأرض وبالتالي اعادة كافة الاراضي والبيوت المسروقة من أصحابها العرب.
وهذا الكلام ليس من باب التسليم بواقع الاحتلال، لا بل من باب المنطقية السياسية والقانونية. 

وتأسيساً على ما تقدم، فإن معركة طوفان الأقصى تعتبر الحجر الأساس في تحرير فلسطين، حيث أن العنوان الذي تصدر العالم في هذه الحرب هو أن إسرائيل تفرض نظام فصل عنصري لا بد من إنهائه. أضف إلى ذلك أن الخلافات الداخلية في دولة الاحتلال، والتي بدأت تتسع منذ ٧ أكتوبر، سيكون لها دور أساسي في خلخلة نظامهم السياسي القائم على أساس الفصل العنصري، ووضع حجر الأساس في اسقاطه.

يرونه بعيداً ونراه قريباً.