منظمة البيدر: البؤر الرعوية في الأغوار تغتال مصادر رزق الفلسطينيين.

صنارة نيوز - 12/08/2025 - 11:38 pm

 

د. راسم بشارات

مفوض العلاقات الخارجية في منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو والقرى المستهدفة

 

تلقت منظمة البيدر شهادة مؤلمة من المواطن الفلسطيني محمد صوافطة، أحد مزارعي قرية بردلة في الأغوار الشمالية، تكشف حجم المعاناة التي يتعرض لها المزارعون نتيجة اعتداءات المستوطنين المدججين بالسلاح، والمدعومين من جيش الاحتلال الإسرائيلي.

يقول صوافطة في إفادته:

“يقوم المستوطنون من البؤرة الاستيطانية المقامة في قاعون (بردلة) في هذا الوقت برعي أبقارهم في محصول البطيخ الخاص بي، ولكن لقلة حيلتي وكثرة عددهم، وبالطبع مدججين بالسلاح، ودخول الليل، لم أتمكن من الوصول إليهم لطردهم من الأرض، مما قد يقودهم إلى تصفيتي شخصياً، وقد رأينا ما حصل في أم الخير قبل أيام. هذا من أشد أنواع العذاب النفسي، عندما ترى عدوك يدمر مصدر رزقك وأنت لا تستطيع فعل شيء، ولا تستطيع تعويض خسارتك أو سداد ديونك لتجار المدخلات الزراعية. المساحة المتضررة تبلغ 110 دونمات، وقد بدأوا بالرعي، ولا أتوقع أن يتوقفوا عند هذا الحد، خاصة أن المنطقة معزولة وبعيدة عن قرية بردلة، ولا يوجد مكان أستظل به في هذه الحرارة العالية التي بلغت اليوم 45 درجة مئوية، بعد حرق المسكن الزراعي الوحيد قبل أسبوعين، والذي كنا وبقية المزارعين والعمال نستظل به”.
البؤر الرعوية: الهدف اقتلاع الفلسطينيين
وفق تقارير إعلامية وحقوقية وشهادات حية من مواطنين فلسطينيين تعرضوا لاعتداءات ومضايقات المستوطنين، تؤكد منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو والقرى المستهدفة بأن البؤر الرعوية تشكل أحد أخطر أشكال التوسع الاستيطاني، حيث يستخدم المستوطنون قطعان الأبقار والأغنام لتدمير المحاصيل الزراعية الفلسطينية بشكل متعمد، بهدف إفقار المزارعين ودفعهم قسراً لترك أراضيهم. هذه البؤر، التي غالباً ما تبدأ بمجموعة صغيرة من المستوطنين، تتحول مع الوقت إلى نقاط سيطرة فعلية على مساحات واسعة، ويتم حمايتها بشكل مباشر من قبل قوات الاحتلال.

وقد وثقت المنظمة ومنظمات حقوق الإنسان عشرات الحوادث المشابهة خلال العامين الماضيين، حيث استغل المستوطنون غياب الحماية القانونية للفلسطينيين في منطقة “ج”، وفرضوا واقعاً ميدانياً بالقوة المسلحة، وسط صمت دولي مقلق.

انتهاكات صارخة للقانون الدولي تستوجب العقوبات
إن ما يقوم به المستوطنون في بردلة وقاعون، كما في مناطق أخرى من الأغوار، يشكل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني. فـاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 تحظر في مادتها (53) تدمير الممتلكات الخاصة إلا للضرورة العسكرية القصوى، كما تحظر المادة (49) النقل القسري للسكان من الأراضي المحتلة، وتلزم المادة (55) قوة الاحتلال بضمان تزويد السكان بالغذاء والاحتياجات الأساسية.

كما أن الميثاق الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966، في مادتيه (6) و(11)، يضمن الحق في العمل والحق في مستوى معيشي لائق بما يشمل الغذاء الكافي، ويحظر أي اعتداءات تمس بهذه الحقوق.

إضافة إلى ذلك، فإن إنشاء البؤر الاستيطانية بحد ذاته يعد غير قانوني بموجب قرارات مجلس الأمن، وعلى رأسها القرار 2334 (2016) الذي يؤكد عدم شرعية المستوطنات ويطالب بوقف جميع الأنشطة الاستيطانية فوراً.

ويعزز القانون الدولي العرفي هذا الموقف من خلال قواعد اللجنة الدولية للصليب الأحمر (القواعد 50، 51، 54)، التي تحظر التدمير المتعمد للأعيان المدنية أو مهاجمة المحاصيل ومصادر المياه التي لا غنى عنها لبقاء المدنيين.

دعوة للتحرك الدولي العاجل
إن منظمة البيدر إذ توثق هذه الانتهاكات، تطالب المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، والمحاكم الدولية، بالتحرك العاجل لوقف اعتداءات المستوطنين في الأغوار، وضمان حماية المزارعين الفلسطينيين ومصادر رزقهم. كما تدعو الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه ما يجري، وفرض عقوبات على سلطات الاحتلال لخرقها المنهجي للقانون الدولي.