الطريق إلى الـــوزارة ... هذا المقال من منظور مواطن لا يملك واسطة .......
صنارة نيوز - 27/08/2025 - 1:39 pm
الصناره نيوز - بقلم منار الزواهرة
ما كل شيء يبدأ بالحلم… فالحلم يبدأ بكرسي دوّار ، البعض يحلم بالشـــهرة و البعض يحلم بالثراء، أما الطموح الحقيقي في بلادنا فهو "الكرسي الوزاري". لا يهم أي وزارة… تعليم، ثقافة، وزارة شؤون لا أحد يعرفها! المهم أن يكون الكرسي دوّارًا كي تستطيع الالتفات في جميع الاتجاهات عند المؤتمرات الصحفية، وتبدو كخبير استراتيجي يخطط لمستقبل الأمة.
الطريق إلى الوزارة لا يمر عبر الشـــهادات العليا أو الخبرات الطويلة، تلك مجرد إكسسوارات للـ CV السرّ الحقيقي هو الولاء، وبكلمة أخرى: "إرضاء من لا يُرضى". يكفي أن تهزّ رأســــك موافقًا على كل اقتراح فوقك، حتى لو كان إنشاء قطار معلّق فوق الجبال الصحراوية.
فالوزير عندنا مثل جهاز المايكروويف: يعمل على جميع الأنظمة. اليوم يقود وزارة الطاقة، غدًا التعليم، وبعد أســـبوع الثقافة. طبعًا لا يهم إن كان يجهل الفرق بين الكهرباء الساكنة والكهرباء المتحركة، أو يظن أن شكسبير هو لاعب كرة قدم برازيلي معتزل. المهم "المنصب" وليس "التخصص".
ليكن أول إنجاز للوزير الجديد: مؤتمر صحفي. يظهر فيه الوزير بحضور الإعلام، يتحدث نصف سـاعة كاملة دون أن يقول شيئًا مفيدًا. الصحفيون يهزون رؤوسهم باحترام، والجمهور في الخارج يتساءل: "هل هذا المؤتمر لشـــرح خطط التنمية أم لإطلاق فيلم هندي؟"
ليأتي هنا دور الإنجازات ما بين الواقــــع والتقارير الســنوية ففي تقارير الوزارة: إنجازات عظيمة، أرقــام بالمليارات، خطط تنمويـة ستجعلنا "سنغافورة الشـرق الأوسط". أمــا في الواقع، فالحفر في الشــــوارع تبقى شاهدة على التطوير، والمواطن يبحث عن مقعـد في مدرسة لا تتسع حتى للهواء. لكن لا بأس… المهم أن التقارير تلمع في الصحف.
وفي لحظة مفاجئة، تحين لحظة الســـقوط المدوّي .. الوزير يُعفى من منصبه! لماذا؟ أســباب "خاصة" لا يعرفها إلا أهل المريخ. يخرج الوزيـــر من الباب الخلفي للوزارة بابتســــامة عريضة، متأكدًا أن المنصب القادم سيكون أكبر… ربما ســـفير، أو رئيس هيئة فهي مرحلة اعادة التفكير بكل منصب ممكن .
وهنا لا ننسى دور المواطن… المتفرّج الدائم يبقى المواطن يتابع المسرحية عن بعد، يضحك حينًا، يغضب حينًا، لكنه في النهاية يحضر الجزء الثاني والثالث والرابع من المسلسل نفســــه… لأن الطريق إلى الوزارة أطــول من طريق الحرير، ومليء بالمفاجآت غير المتوقعة.
في النهاية، الطريق إلى الوزارة يشبه برنامج المسابقات: أسئلة صعبة، جمهور متحمّس، وجائزة كبرى هي "الكرســي الدوّار". لكن الفرق الوحيد أنّ الأســئلة هنا بلا إجابات، والجمهـور بلا صـــوت، والفائز غالبًا لا يعرف أصلًا كيف وصل إلى النهائيات.
ويبقى المواطن يتابع من بعيد، يتساءل:
"هل الطريق إلى الوزارة يحتاج إلى ذكاء، أم إلى تطبيق خرائط جوجل مع خيار تجنّب المطبات السياسية؟"
والإجابة دائمًا: الطريق إلى الوزارة… أقصر لو كان عندك خال مسؤول!