تحليل إسرائيلي: إسرائيل تسير نحو كارثة جديدة في غزة
صنارة نيوز - 05/05/2025 - 8:15 pm
كتب المحلل العسكري لصحيفة هآرتس، عاموس هرئيل، في مقاله المنشور اليوم الإثنين، أن إسرائيل "تسير نحو كارثة" خلال التصعيد العسكري واسع النطاق الذي تخطط له الحكومة في قطاع غزة، والذي من المتوقع أن يبدأ فور انتهاء زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمنطقة، في حال لم تُبرم صفقة تبادل أسرى. ويقول هرئيل إنه بحسب الخطط التي أقرّها الكابينت، يشمل التصعيد احتلال مناطق واسعة، إقامة منطقة عازلة جنوبية، وتهجير سكان القطاع نحو رفح في ما يبدو كمقدمة لترحيل قسري جماعي من غزة. ويكتب أنه في المقابل، تتصاعد التحذيرات داخل المؤسسة الأمنية من كارثة إنسانية وتهديد مباشر لحياة الرهائن، وأنه بينما يراهن بعض المسؤولين على تدخّل خارجي أمريكي يجمّد العملية، يبدو أن حكومة نتنياهو ماضية في خوض مغامرة عسكرية محفوفة بالمخاطر السياسية والإنسانية، دون أفق واضح للحسم أو الخروج.
وكتب هرئيل في مقاله: "من المفيد قول الأمور بصراحة: إسرائيل تتجه نحو كارثة جديدة في قطاع غزة. فإذا لم يقرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب التدخل في ما يجري هناك خلال زيارته المرتقبة لدول الخليج الأسبوع المقبل، ستقوم إسرائيل بتوسيع عمليتها العسكرية بعد انتهاء الزيارة. وبالنظر إلى طبيعة الخطة، يُرجَّح أن تشمل احتلال مناطق واسعة في القطاع، وتمركزًا عسكريًا طويل الأمد، وفقدان مزيد من الأرواح بين الأسرى والجنود، وتفاقم الكارثة الإنسانية التي يعانيها الفلسطينيون — وكل ذلك، على الأرجح، دون تحقيق حسم حقيقي ضد حركة حماس".
وأضاف: "اجتمع الكابينت الإسرائيلي مساء الأحد في جلسة مطولة صادق فيها على خطة الجيش لتوسيع كبير للعملية الجارية. بخلاف المعتاد، بدا السياسيون حريصين هذه المرة على منح رئيس الأركان، ايال زمير التقدير الكامل. مصادر سياسية — بمعنى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو — وأمنية — أي وزير الحرب يسرائيل كاتس — ادّعت أن الخطة الجديدة ستُفضي أخيرًا إلى حسم ضد حماس، وتزيد الضغط لإطلاق سراح جميع الأسرى. أما وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الرجل الذي يواصل التأثير على سياسات الحكومة رغم أن استطلاعات الرأي تظهر أن حزبه لا يتجاوز نسبة الحسم، فقال في مؤتمر صحفي صباح اليوم، 'من اللحظة التي تبدأ فيها المناورة البرية، لا انسحاب من الأراضي المحتلة، حتى مقابل الأسرى. نحن نحتل غزة لنظل فيها. لا دخول ولا خروج بعد الآن'. وأضاف أن جميع سكان القطاع سيُدفعون جنوبًا نحو محور موراغ — أي، عمليًا، سيتم حشر أكثر من مليوني إنسان في منطقة لا تشكل ربع مساحة القطاع".
وكتب: "حين تم تعيين رئيس الأركان الحالي، أفاد أمام نتنياهو ووزير الحرب أن استعادة السيطرة على القطاع ستتطلب ثلاثة أشهر من القتال، تليها تسعة أشهر من التمشيط الشامل. اليوم، لا يقتبس نتنياهو سوى الشق الأول من هذه التقديرات. ومنذ عودته إلى الزي العسكري، يبدو أن زمير تعلم الكثير، وربما بدأ يُدرك تعقيدات الموقف. التسريبات المعتادة من جلسة الكابينت أظهرت خلافات حادة بينه وبين الوزيرين إيتمار بن غفير وأوريت ستروك، اللذين طالبا بتقليص إضافي للمساعدات الإنسانية التي كانت إسرائيل قد أوقفتها قبل نحو شهرين. وردّ رئيس الأركان محذرًا: 'أنتم تعرّضوننا جميعًا للخطر'، مشددًا على أن العودة إلى عملية برية واسعة ستُهدد حياة الأسرى".
وقال: "تُظهر كواليس المشهد ميزان القوى الفعلي. من الواضح أن حزبي الصهيونية الدينية و'عوتسما يهوديت' يدفعان نحو احتلال كامل للقطاع، إقامة إدارة عسكرية، إعادة الاستيطان، وفرض التهجير القسري (الترانسفير). ونتنياهو يسايرهما في هذه التوجهات، حفاظًا على تماسك ائتلافه. خالف هذا النهج فقط في مناسبتين: صفقتا تبادل الأسرى في نوفمبر 2023 ويناير 2025، والأخيرة تمت بضغط مباشر من ترامب. استمرار القتال يخدم مصلحة نتنياهو في تثبيت حكومته — وهو، في نظره، أكثر أهمية من حياة الأسرى. إلى ذلك، يلوح شبح محاكمته، التي من المقرر أن تدخل مرحلة الاستجواب المضاد قريبًا، وتسبب له انزعاجًا سياسيًا كبيرًا".
وتابع: "في الوقت الحالي، يبدو أن ترامب لا يتيح لنتنياهو شن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، كما أن الاشتباك المحدود مع الحوثيين في اليمن لا يمكن أن يستمر طويلًا. تبقى جبهة غزة، مع درجة أقل من التصعيد في الجولان السوري، تحت ذريعة حماية أبناء الطائفة الدرزية".
وكتب: "موقف وزير الحرب لا يحمل وزنًا يُذكر، أما رئيس الأركان والقيادة العسكرية العليا، فيبدو أنهم يتمنون تدخلًا خارجيًا — ليس بمعجزة لاهوتية كما يرغب سموتريتش ورفاقه، بل تدخل أميركي يفرض صفقة تبادل — ولو جزئية — ويمنع الانزلاق إلى حرب شاملة لا تاريخ لانتهائها. لكن هذه ليست الرسالة التي يُعلنها زمير لا في العلن ولا في الاجتماعات المغلقة؛ فهو قائد يؤمن بالتراتبية والانضباط. بحسب رؤيته، على الحكومة أن تُحدّد أهدافها، وعلى الجيش أن يُقدّم الخطط التنفيذية وتبعاتها وفقًا لذلك".
وأضاف: "بعيدًا عن حماسة المتطرفين في الحكومة، من المشكوك فيه أن يكون غالبية الحاضرين في جلسة الكابينت قد توهّموا أن العملية الجديدة — 'مركبات جدعون' — ستنتهي بحسم فعلي ضد حماس. فكرة دفع السكان نحو الجنوب، كما يُروّج لها سموتريتش، ليست سوى مقدّمة لخطة 'ترحيل طوعي' لا تختلف في جوهرها عن التهجير القسري. إنها الخطة ذاتها التي لمح إليها ترامب قبل ثلاثة أشهر في لقائه مع نتنياهو، لكنه لم يُعد التطرق إليها منذ ذلك الحين، إذ يبدو منشغلًا الآن بأزمات أخرى"
وكتب: "حتى الآن، اقتصر استدعاء الاحتياط على نطاق ضيق، ومن الخطأ الحديث عن 'تعبئة عامة'، إذ استُدعيت فقط وحدات محدودة، وغالبيتها تمثلت في قادة الفرق. الهدف هو استبدال القوات النظامية على الجبهات مع لبنان، الجولان، والضفة الغربية، تمهيدًا لتحريكها نحو القطاع. تبقّى أقل من أسبوعين حتى نهاية زيارة ترامب، وإذا لم تُبرم صفقة تبادل، وتم تنفيذ الخطة كما أُقرت، فستكون هناك حاجة لتعبئة احتياطية واسعة تشمل عدة فرق عسكرية".
وقال: "في المحصلة، تناقش حكومة نتنياهو أوهامًا يصعب تحقيقها، فيما يهدّد التصعيد بإزهاق مزيد من أرواح الأسرى، كما تخشى عائلاتهم التي تُعبّر عن قلق عميق، بالإضافة إلى سقوط جنود. ومن أجل تقليل الخسائر بين صفوف الجيش، يُتوقع استخدام نيران كثيفة ومدمّرة، ما قد يؤدي إلى تدمير واسع للبنى التحتية المدنية المتبقية في القطاع. دفع السكان نحو مناطق الإغاثة، وسط نقص حاد في الغذاء والدواء، قد يؤدي إلى مجازر إضافية بحق المدنيين. حتى لو وافقت إسرائيل لاحقًا على استئناف إدخال المساعدات، فإن الخطة مليئة بالثغرات. من غير الواضح إن كانت قادرة على إيصال الغذاء والدواء لملايين السكان دون التعاون مع منظمات دولية — التي أعلنت بالفعل رفضها للمشاركة في توزيع المساعدات. في المقابل، يرفض رئيس الأركان تعريض حياة الجنود للخطر لأجل ذلك. في الوقت نفسه، لا تبدو الحكومة مطّلعة على حجم الأزمة الإنسانية الحقيقي في القطاع".
وكتب: "في نهاية المطاف، قد تجد إسرائيل نفسها مضطرة للسماح بدخول المساعدات، لكن ذلك سيحدث بعد تصعيد كبير. على الأرجح، نحن أمام وصفة لفشل استراتيجي وتورّط طويل الأمد، وفقدان ما تبقى من شرعية دولية إزاء الفظائع المرتكبة بحق المدنيين. ورغم صعود إدارة ترامب المناوئة للمحاكم الدولية، فإن قادة إسرائيليين — سياسيين وعسكريين — قد يجدون أنفسهم لاحقًا في مواجهة ملاحقات قضائية. باختصار: الحكومة تحاول تحقيق نصر سياسي قصير المدى، لكنها قد تدفع ثمنًا استراتيجيًا باهظًا".