خطورة الاجراءات الاسرائيلية على مستقبل الضفة الغربية…

صنارة نيوز - 27/07/2025 - 9:42 am


د. راسم بشارات/ مفوض العلاقات الخارجية في منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو والقرى المستهدفة - فلسطين


في أعقاب مصادقة الهيئة العامة للكنيست الإسرائيلي بتاريخ 22 تموز 2025 على اقتراح غير ملزم يدعو إلى تطبيق السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة، أقدمت لجنة المالية في الكنيست في اليوم التالي على إقرار رزمة واسعة من التحويلات المالية الإضافية، بلغت مئات ملايين الشواقل (ما يقارب المليار)، لتطوير مشاريع بنى تحتية خاصة بالمواصلات داخل أراضي الضفة الغربية المحتلة، في خطوة تأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التنفيذية التي تترجم القرار السياسي الرمزي للكنيست إلى وقائع ميدانية وتشريعية تؤسس للضم الفعلي للضفة الغربية، في مخالفة واضحة وصريحة للقانون الدولي.

رزمة التحويلات المالية التفصيلية جاءت لتسهيل الانتشار الاستيطاني الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكانت على النحو التالي:
    •    160 مليون شيكل لتطوير الطريق 437.
    •    361 مليون شيكل للطريق 45 – محور الكسارات.
    •    100 مليون شيكل لتركيب الإنارة وترميم الطرقات في عموم الضفة الغربية.
    •    50 مليون شيكل لأعمال التخطيط الأولي والنهائي لطريق “معاليه حوميش”.
    •    25 مليون شيكل لأغراض قانونية تتعلق بالطريق 90 في منطقة الأغوار.
    •    47 مليون شيكل لأعمال استكمال في طريق الالتفاف حول العروب.
    •    128 مليون شيكل لتطوير الطريق 55 (بين “مشاتل” و”ألفي منشيه”).
    •    47 مليون شيكل للطريق 446 (من حاجز لفيد حتى مفترق شيلات).

وبالنظر لتلك الاجراءات احادية الجانب التي تسعى إلى اجهاض فرص السلام في الشرق الأوسط وافشال حل الدولتين. ومن النواحي القانونية، فهي:  
    أولا: التحويلات المالية تندرج ضمن المخالفة الصريحة للقانون الدولي:
    •    تمارس إسرائيل سيطرتها على الضفة الغربية كقوة احتلال منذ عام 1967، ويُحظر على القوة المحتلة إحداث تغييرات دائمة في البنية التحتية بما يخدم مصالحها الاستيطانية أو السيادية.
    •    هذه المشاريع تشكل خرقا واضحا لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة، لا سيما المادة 49، التي تحظر نقل السكان المدنيين التابعين للدولة المحتلة إلى الأراضي المحتلة، وهو ما ينطبق على توسيع شبكات الطرق التي تخدم المستوطنات.
    •    تتعارض هذه الخطوات مع قرار مجلس الأمن رقم 2334 (2016) الذي ينص بوضوح على أن جميع أنشطة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، غير شرعية ويجب وقفها.
    
ثانيا: التطابق مع نمط الضم الزاحف:
    •    ربط هذه التحويلات مباشرةً بالقرار السياسي الأخير الصادر عن الكنيست يجعلها جزءًا من عملية “الضم الزاحف”، الذي يُنفّذ على مراحل تشريعية، إدارية وميدانية.
    •    توجيه التمويل للبنية التحتية المرتبطة بالمستوطنات يُعدّ مؤشرًا على تنفيذ خطوات عملية لتكريس “السيادة الإسرائيلية”، على خلاف ما تنص عليه الالتزامات الدولية لإسرائيل كقوة احتلال.
    
ثالثا: التأثير المباشر على السكان الفلسطينيين:
    •    هذه الطرق تستخدم غالبا لتوفير حركة مرور سلسة للمستوطنين وربط المستوطنات ببعضها أو بالداخل الإسرائيلي، بينما يتم منع الفلسطينيون من استخدامها أو يقيد وصولهم إليها.
    •    يتوقع أن تسفر هذه المشاريع عن مصادرة مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية الخاصة، وفرض قيود جديدة على تحركات السكان، ما يشكل انتهاكا للحقوق الأساسية المكفولة بموجب القانون الإنساني الدولي.

بناء على ما سبق، أرى أن هذه التحويلات المالية تشير إلى تحول القرار الرمزي للكنيست نحو تطبيق السيادة في خطوات تنفيذية ذات طابع قانوني ومالي. إن ما يحصل يعد خطوة تمهيدية للضم الفعلي، يتم فيها استخدام الأدوات التشريعية والمؤسساتية لفرض الأمر الواقع، في انتهاك واضح للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية.

كما وارى بأن هذه الإجراءات هي جزء من سياسة استعمارية ممنهجة تستهدف قضم الأراضي الفلسطينية، وتكريس التمييز المكاني والوظيفي بين المستوطنين والسكان الأصليين، في تجاهل تام للحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني في أرضه.

ختاما، يجب رفع هذا الملف ضمن توثيق الانتهاكات إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية باعتباره أحد مظاهر جريمة الفصل العنصري وجريمة الحرب المتمثلة في الاستيطان.
    ومن المهم دعوة الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان للتحقيق في ربط الميزانيات العامة بسياسات الضم في الأراضي المحتلة. ومطالبة الاتحاد الأوروبي والدول الموقعة على اتفاقيات جنيف باتخاذ خطوات فعلية لمنع تمويل مشاريع بنى تحتية تساهم في ترسيخ الاحتلال.
     ومن الضروري ان تعمل مؤسسات حقوق الإنسان على توثيق أثر هذه المشاريع على مصادرة الأراضي الفلسطينية والقيود على الحركة، خاصة في القرى المستهدفة والمجتمعات البدوية.