إيران تغيّر قواعد اللعبة: تل أبيب تحت النار وواشنطن في الانتظار

صنارة نيوز - 22/06/2025 - 4:28 pm

 

 

الصناره نيوز - خاص

 


في تصعيد مدروس يُعيد رسم معادلة الردع في الشرق الأوسط، اختارت إيران أن ترد على الهجوم الأمريكي على منشآتها النووية بضربة نوعية موجّهة إلى العمق الإسرائيلي، مدمّرة واحدًا من أكثر المراكز حساسية في البنية العسكرية الإسرائيلية، وهو معهد الأبحاث البيولوجية جنوب مدينة ريشون لتسيون.

الضربة الإيرانية، التي وُصفت بأنها الأوسع منذ عقود على منشأة غير نووية، أصابت بشكل مباشر منشآت تخزين ومختبرات استراتيجية تُستخدم لأغراض الحرب البيولوجية والكيميائية، ما أثار مخاوف حقيقية من تسرّب مواد خطرة إلى المحيط المدني والعسكري على حد سواء. وأظهرت الصور الأولية حجم الدمار الواسع الذي ألحقته الصواريخ الإيرانية، محوّلةً اتجاه النقاش العالمي من “النووي الإيراني” إلى “الكيميائي الإسرائيلي”.

هذا التحوّل المفاجئ في مجريات المواجهة لم يأتِ من فراغ، بل يُعزز فرضية أن طهران اختارت في هذه المرحلة عدم الانجرار إلى مواجهة شاملة مع الولايات المتحدة، والتركيز بدلاً من ذلك على "تآكل إسرائيل ببطء"، عبر ضربات نوعية متتالية تُفقدها توازنها الاستراتيجي من دون أن تُشعل حربًا إقليمية كبرى.

وفي الوقت الذي تنتظر فيه واشنطن ردًا إيرانيًا مباشرًا على قصفها للمفاعلات النووية، تتصاعد داخلها الانتقادات لحسابات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي اتُهم بالمغامرة غير المحسوبة، وسط انقسام داخلي متزايد بشأن جدوى التصعيد مع إيران.

في هذا السياق، تبدو طهران حريصة على تعميق حالة "القلق الأمريكي" دون صدام مباشر، وذلك عبر رسائل مزدوجة: ضربة مزلزلة لتل أبيب، وتلويح دائم بأن قواعد واشنطن في المنطقة لا تزال في مرمى الصواريخ. أما "الذئاب المنفردة"، فهي ورقة أخرى على الطاولة، قد تظهر في أماكن غير متوقعة إذا قررت إيران كسر صمتها تجاه الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط.

وفي حال قررت طهران أن تُبقي الحرب دائرة في مسرحٍ واحد – هو إسرائيل – وتؤجل المواجهة الكبرى مع واشنطن، فإن ذلك سيفتح الباب لسيناريو حرب نفسية طويلة الأمد، مرفقة باحتمال تصعيد في مضيق هرمز، سواء عبر التهديد بالإغلاق أو التلغيم، ما سيُدخل الاقتصاد العالمي في دوامة جديدة من التوترات.

القرار الإيراني حتى اللحظة يبدو تكتيكيًا بامتياز: إبقاء واشنطن في حالة ترقّب مشلّة، وتفكيك القوة الإسرائيلية عبر جرعات من "كاسر خيبر".