عند قمم غير مسبوقة: لماذا يواصل الذهب تحطيم أرقامه القياسية؟

الصناره نيوز - خاص

 

سجّل الذهب قفزة تاريخية جديدة، ليصل إلى مستويات غير مسبوقة، في موجة صعود تعكس تحولات عميقة في المشهدين النقدي والجيوسياسي العالميين، وسط إقبال متزايد من المستثمرين على الأصول الآمنة في ظل تنامي حالة عدم اليقين.

 

وعزا خبراء أسواق المال هذا الارتفاع القياسي إلى عاملين رئيسيين شكّلا المحرّك الأساسي لأسعار المعدن الأصفر خلال الفترة الأخيرة.

 

رهانات نقدية على خفض الفائدة

في مقدمة هذه العوامل، تأتي التوقعات المتزايدة بقيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة مرتين خلال عام 2026، مع تصاعد الضغوط السياسية باتجاه اعتماد سياسة نقدية أكثر مرونة. ويعزّز هذا التوجه دعوات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتكررة لتخفيف القيود النقدية، في وقت يُعرف فيه الذهب تاريخياً كأحد أبرز المستفيدين من بيئات الفائدة المنخفضة، كونه أصلاً لا يدرّ عائداً.

 

توترات دولية تعيد بريق الملاذ الآمن

أما العامل الثاني، فيتمثل في تصاعد التوترات الجيوسياسية على الساحة الدولية، ما أعاد الزخم إلى الذهب والفضة كملاذين آمنين للمستثمرين. وتشمل هذه التطورات تصعيداً أمريكياً في ملف الحصار النفطي على فنزويلا، إلى جانب ملفات إقليمية ودولية أخرى أسهمت في رفع مستويات القلق في الأسواق العالمية.

 

الدور الاستثنائي للذهب خلال 2024

وخلال عام 2024، لعب الذهب دوراً استثنائياً في محافظ المستثمرين، محققاً ارتفاعاً صاروخياً يقترب من 70% منذ بداية العام، مدفوعاً بعوامل هيكلية عميقة.

ويبرز في هذا السياق الطلب المؤسسي القوي، مع زيادة مشتريات البنوك المركزية العالمية، وتدفقات ملحوظة لرؤوس الأموال نحو الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب، في إشارة واضحة إلى تحوّل استراتيجي في إدارة الاحتياطيات والتحوّط من المخاطر.

 

كما أسهمت السياسات التجارية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى جانب تصريحاته وتهديداته المتكررة المتعلقة باستقلالية البنك المركزي الأمريكي، في إضافة زخم نفسي وفعلي لأسعار الذهب، عبر تعزيز المخاوف من تقلبات اقتصادية ونقدية محتملة.

 

ويرى محللون أن استمرار هذه العوامل مجتمعة قد يُبقي الذهب عند مستويات مرتفعة خلال المرحلة المقبلة، خاصة في حال تحققت سيناريوهات خفض الفائدة واستمرت التوترات الجيوسياسية، ما يعزز مكانة المعدن الأصفر كأحد أبرز أدوات التحوط في عالم يتجه نحو مزيد من الضبابية الاقتصادية