مجمع بنك الإسكان… حيث راكمت ذاكرة عمّان خيانتها بهدوء
صنارة نيوز - 01/04/2025 - 3:13 pm
مجمع بنك الإسكان… حيث راكمت ذاكرة عمّان خيانتها بهدوء
في الركن الوادع من الشميساني، يقف مجمع بنك الإسكان كما لو كان صفحة مطويّة من كتاب المدينة. لا يزال هناك، بشموخ هادئ، يراقب ما تغيّر حوله… وما تغيّر فيه.
حين افتُتح عام 1982، كان حدثًا عمرانيًا لافتًا. تصميم متفرّد من المهندس الأردني ماهر النمري، وتنفيذ دقيق من شركة كورية، وواجهة كانت تنبض بالحياة وتُطلّ على المدينة بنظرة واثقة. لم يكن مجرد أول مجمع تجاري مكيّف في عمّان، بل كان وجهًا عصريًا لعاصمة تتطلع للأمام.
كان الناس يصعدون طوابقه كما يصعدون فكرة جديدة: بإعجاب ودهشة.
تقاطعت فيه العائلات والذكريات، وكان محطة ترفيه وتسوّق ولقاء… ومكانًا أحبّه من عاشوا تلك الحقبة، لا لأن فيه كل شيء، بل لأنه احتوى على ما يكفي ليكون مميزًا.
ومع مرور الوقت، تغيرت المدينة.
كثرت البدائل، وتحوّل إيقاع الحياة إلى ما هو أسرع وأشد توهجًا. بقي المجمع شاهدًا بصمت، فيما راكمت ذاكرة عمّان تفاصيله كما تراكم الغيوم في سماء الشتاء: بهدوء، وبوعد لا يُمحى.
تكتب المهندسة المعمارية لينا جمال المومني:
"المبنى اليوم أصبح بلا روح ولا حضور، حيث إن إطلالته الخضراء التي تطل من كل طوابقه المرتفعة قد اختفت، ولم يعد مزاراً للأهالي والأطفال."
لكن في الحقيقة، لا تموت الأماكن التي سكنتنا بسهولة.
فربما بدا صامتًا في زمن الضجيج، لكنه لا يزال يحتفظ بروحه في كل زاوية، وفي تفاصيله المعمارية الفريدة التي لا تُشبه سواه.
مجمع بنك الإسكان ليس مجرّد مبنى… بل فصل من سيرة عمّان، يمكن استعادته، ويمكن أن يُروى من جديد بلغة هذا الزمن، إذا ما اختار أحد أن ينصت إليه.
لعل أكثر ما تحتاجه الذاكرة اليوم، ليس أن نُدين ما مضى، بل أن نُعيد تخيّله…
وهذا المبنى، الذي صمد أربعين عامًا، لا يزال ينتظر أن يُحكى من جديد – بطوابقه، وشرفاته، وتاريخه – وربما بمستقبل يعود فيه إلى قلب المشهد، كما كان.