الطيطي: تغييب مكوّنات وازنة عن لجان البلديات ومجالس المحافظات.. تقصير أم تمييز؟
صنارة نيوز - 07/07/2025 - 3:20 pm
عمان – الصناره نيوز - خاص
في الوقت الذي تؤكد فيه الدولة الأردنية على التزامها بتعزيز مفاهيم المواطنة، وتكافؤ الفرص، والعدالة في التمثيل، يُفاجأ المتابعون للشأن المحلي بتشكيلات اللجان الخاصة في البلديات الكبرى ومجالس المحافظات، والتي خلت – أو كادت – من تمثيل حقيقي ووازن لكافة الأحياء والتجمعات، لا سيما في المدن الكبرى مثل عمّان، إربد، الزرقاء، والبلقاء، وهي مدن تُعدّ نموذجاً للتنوع السكاني والاجتماعي في الأردن.
هذا التغييب لا يمكن اعتباره محض صدفة أو مجرد تقصير إداري، بل يبدو متسقًا مع شعور متنامٍ لدى شرائح واسعة من المواطنين بالتهميش والإقصاء، رغم إيمانهم العميق بالهوية الأردنية الجامعة، ومشاركتهم الوطنية الفاعلة، والتزامهم ببناء الدولة ومؤسساتها منذ نشأتها.
تمثيل ضيّق.. وسؤال عن المعايير
عند النظر في عضوية لجان البلديات ومجالس المحافظات، يتضح أن التشكيلات تميل في كثير من الأحيان نحو تمثيل جهوي أو عشائري ضيّق، دون مراعاة للتنوع الحقيقي داخل المدن، أو لوجود مواطنين من كافة الأصول والمنابت، يتمتعون بالكفاءة والخبرة والقدرة على الإسهام في صنع القرار المحلي وخدمة المجتمع.
فمن يقرر هذه التعيينات؟ ولماذا تتم بطريقة غير شفافة؟ وأين هي المعايير التي تراعي الكفاءة والتمثيل المتوازن؟
غياب الإجابات على هذه الأسئلة يُثير القلق، ويطرح علامات استفهام كبيرة حول نوايا بعض الجهات في إقصاء مكونات أصيلة من المشهد المحلي والإداري.
المواطنة ليست درجات
ما يحدث اليوم يمثل انتهاكًا واضحًا لفكرة “المواطنة المتساوية”، وهي أساس أي نظام ديمقراطي حقيقي. فهل أصبحت المواطنة في الأردن تخضع لتصنيفات غير معلنة؟ وهل بات هناك مواطنون “أكثر أهلية” للتمثيل، ليس على أساس الكفاءة، بل بناءً على خلفياتهم أو أصولهم؟
هذا طرح مرفوض جملة وتفصيلًا. فالدولة الأردنية بُنيت على وحدة الدم والمصير، وأي محاولة لعزل أو تهميش مكوّن من مكونات المجتمع، هي دعوة غير مباشرة لتفكيك هذا البناء الوطني المتماسك.
تمثيل المخيمات حق دستوري.. وليس منّة
المطالبة بالتمثيل ليست استجداءً، بل حق دستوري وأخلاقي وسياسي. المواطنون في المخيمات ليسوا خارجين عن السياق الوطني، بل هم جزء أصيل من هذا الوطن، ويملكون من الكفاءة والخبرة ما يؤهلهم للعب أدوار فاعلة في الإدارة المحلية.
ومن باب العدالة والإنصاف، فإن تمثيل رؤساء لجان خدمات المخيمات في لجان البلديات ومجالس المحافظات أمرٌ منطقي، خصوصًا أن هذه اللجان تمارس عملًا بلديًا شبه يومي، وتمتلك من الخبرة ما يعزز من جودة القرار المحلي. ولا يجوز أن يُستثنوا من هذه المعادلة، بينما تُمنح الفرص لممثلين عن نقابات أو قطاعات أخرى.
تهميش يولّد عزوفًا.. ومشاركة ناقصة
إن استمرار هذا النهج في التهميش، سيؤدي حتمًا إلى مزيد من العزوف عن المشاركة السياسية والانتخابية، وهو ما نشهده بالفعل في تراجع نسب الإقبال على الانتخابات، وعدم الثقة المتزايدة في مؤسسات الدولة. فالوطن لا يُبنى بالاستثناءات، بل بالشراكة والمساواة والشعور بالعدالة.
وفي الختام، لا بد من مراجعة جادة لهذه السياسات، وتصويب النهج الإداري بما يضمن التمثيل المتوازن لكافة المكونات، لأن أي تقصير أو تمييز، سيُضعف المشروع الوطني، ويقوّض الثقة الشعبية بمؤسسات الدولة.
النائب السابق
محمود الطيطي